الأموات والمقابر والأكفان
أخبرنا الوليد بن أحمد الزوزني قال أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال أخبرنا محمد بن يحيى الواسطي قال حدثنا محمد بن الحسن البرجلاني يحيى بن بسام قال حدثني عمر بن صبيح السعدي قال: رأيت عبد العزيز بن سليمان العابد في منامي وعليه ثياب خضر وعلى رأسه إكليل من لؤلؤ فقلت أبا محمد كيف كنت بعدي وكيف وجدت طعم الموت وكيف رأيت الأمور هناك، فقال: الموت فلا تسأل عن شدة كربه وغمومه إلا أن رحمة الله وارت منا كل عيب نلناها إلا بفضله عز وجل.
قال الأستاذ أبو سعيد رحمه الله: الموت في الرؤيا ندامة من أمر عظيم، فمن رأى أنه مات ثم عاش، فإنه يذنب ذنباً ثم يتوب لقوله تعالى " ربنا أمتنا اثنين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا ". ومن مات من غير مرض ولا هيئة من يموت عمره يطول.
ومن رأى كأنه لا يموت فقد دنا أجله، وإن ظن صاحب الرؤيا في منامه أنه لا يموت أبداً، فإنه يقتل في سبيل الله عز وجل.
ومن رأى أنه مات، ورأى لموته مأتماً ومجتمعاً وغسلاً وكفناً سلمت دنياه وفسد دينه.
ومن رأى أن الإمام مات خربت البلدة، كما أن خراب البلدة دليل على موت الإمام.
ومن رأى ميتاً معروفاً مات مرة أخرى وبكوا عليه من غير صياح ولا نياحة، فإنه يتزوج من عقبه إنسان ويكون البكاء دليل الفرج فيما بينهم، وقيل من رأى ميتاً مات موتا جديداً فهو موت إنسان من عقب ذلك الميت وأهل بيته حتى يصير ذلك الميت كأنه قد مات مرة ثانية.
وإن رأى كأنه قد مات ولم ير هيئة الأموات ولا جهازهم، فإنه ينهدم من داره جدار أو بيت، فإن كانت الرؤيا بحالها، ورأى كأنه دفن على هذه الحالة من غير جهاز ولا بكاء ولا شيع أحد جنازته، فإنه لا يعاد بناء ما انهدم، إلا إذا صار في يد غيره.
ومن رأى وقوع الموت الذريع في موضع دل على وقوع الحريق هناك.
وإن رأى كأنه مات وهو عريان على الأرض، فإنه يفتقر.
وإن رأى كأنه على بساط بسطت له الدنيا أو على سرير نال رفعة أو على فراش نال من أهله خيراً.
وإن رأى كأنه وجد ميتاً، فإنه يجد مالاً، فإن جاءه نعي غائب، فإنه يأتيه خبر بفساد دينه وصلاح دنياه.
وإن رأى كأن إبنه مات تخلص من عدوه.
وإن رأى كأن إبنته ماتت أيس من الفرج.
وإن رأى كأن رجلاً قال لرجل أن فلاناً مات فجأة، فإنه يصيب المنعي غم فجأة، وربما مات فيه.
وإن رأت حامل إنها ماتت وحملت والناس يبكون عليها من غير رنة ولا نوح، فإنها تلد ابناً وتسر به، وقيل رؤيا العازب الموت دليل على التزويج وموت المتزوج دليل على الطلاق، فإن بالموت تقع الفرقة، وكذلك رؤيا أحد الشريكين موته دليل فرقة شريكه.
ومن رأى كأن الوالي مات والناس يذكرونه بخير، فإنه يكون محموداً في ولايته.
ومن رأى كأنه بين قوم أموات فهو بين أقوام منافقين يأمرهم بالمعروف فلا يأتمرون بأمره قال الله تعالى " فإنك لا تسمع الموتى ".
ومن رأى كأنه لقي معهم ميتاً، فإنه يموت على بدعة أو يسافر سفراً لا يرجع منه.
ومن رأى كأنه خالطهم ولامسهم أصابه مكروه من قبل أراذل.
وحكي عن بعضهم أن من رأى كأنه يصاحب ميتاً، فإنه يسافر سفراً بعيداً يصيب فيه خيراً كثيراً، فإن حمل ميتاً على عنقه نال مالاً وخيراً كثيراً، وإن أكل الميت طال عمره.
ورؤيا موت الوالي دليل على عزله وسكر الميت لا خير فيه.
وإن رأى ميتاً كأنه حي، فإنه يصلح أمره بعد الفساد ويتعقب عسره يسر من حيث لا يحتسب.
وإن رأى حياً كأنه ميت، فإنه يعسر عليه أمره ذلك لأن الحياة يسر والموت عسر.
وإن رأى الأموات مستبشرين دل على حسن حاله عند الله تعالى لأنهم في دار الحق، ومن رآهم غير مستبشرين أو رآهم معرضين عنه دل على سوء حاله عند الله لقول النبي صلى الله عليه وسلم: يكفي أحدكم أن يوعظ في منامه.
وإن رأى ميتاً عرفه فأخبره أنه لم يمت دل على صلاح حال الميت في الآخرة لقوله تعالى " بل أحياء عند ربهم يرزقون ". وكذلك لو رأى على الميت تاجاً أو خواتيم أو رآه قاعداً على سرير.
وإن رأى على الميت ثياباً خضراً دل على أن موته كان على نوع من أنواع الشهادة كما تدل مثل هذه الرؤيا على حسن حال الميت في الآخرة فكذلك تدل على عقبه في الدنيا.
وإن رأى ميتاً ضاحكاً، فإنه مغفور له لقوله تعالى " وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ".
وإن رأى ميتاً طلق الوجه لم يكلمه ولم يمسه، فإنه راض عنه لوصول بره إليه بعد موته.
وإن رآه معرضاً عنه أو منازعاً له وكأنه يضربه دل على أنه ارتكب معصية، وقيل من رأى ميتاً ضربه، فإنه يقتضيه ديناً.
وإن رأى الميت غنياً فوق غناه في حياته فهو صلاح حاله في الآخرة، وإن فقيراً فهو فقره إلى الحسنات.
وإن رأى كأن الميت عرياناً فهو خروجه من الدنيا عارياً من الخيرات، وقيل إن عري الميت راحته.
وإن رأى كأن أقواماً معروفين قاموا من موضع لابسين ثياباً جدداً مسرورين، فإنه يحيا لهم وتعقبهم أمور ويتجدد لهم إقبال ودولة، فإن كانوا محزونين أو ثيابهم دنسة، فإنهم يفتقرون ويرتكبون الفواحش.
وإن رأى في مقبرة معروفة قيام الأموات منها، فإن أهل ذلك الموضع تنالهم شدة ويظهر فيها منافقون، وأما الكافر الميت إذا رؤي في أحسن حالة وهيئة دل ذلك على ارتفاع أمر عقبه ولم يدل على حسن حاله عند الله.
وإن رأى كأن الميت ضحك ثم بكى دل على أنه لم يمت مسلماً، وكذلك لو رأى أن وجه الميت مسود لقوله تعالى " فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم ".
وإن رأى كأن على الميت ثياباً وسخة أو كأنه مريض، فإنه مسئول عن دينه فيما بينه وبين الله تعالى خاصة دون الناس.
وإن رأى الميت مشغولاً أو متعباً فذلك شغله بما هو فيه.
وإن رأى كأن جده وجدته قد حييا، فإن ذلك حياة الجد والبخت.
وإن رأى كأن أمه قد حييت أتاه الفرج من هم هو فيه، وكذلك إن رأى أباه قد حيي إلا أن رؤية الأب أقوى.
وإن رأى أن ابناً له قد حيي ظهر له عدو من حيث لا يحتسب.
وإن رأى أن إبنة له ميتة قد عاشت أتاه الفرج.
ومن رأى كأن أخاً له ميتاً قد عاش، فإنه يقوى من بعد ضعف لقوله تعالى " أشدد به أزري ".
ومن رأى أختاً له ميتة قد عاشت، فإنه قدوم غائب له من سفر وسرور يأتيه لقوله تعالى " وقالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب ".
وإن رأى خاله أو خالته قد عاشا، فإنه يعود إليه شيء قد خرج من يده.
ومن رأى كأنه أحيا ميتاً، فإنه يسلم على يديه كافراً أو يتوب فاسق.
وإن رأى في محلته نسوة ميتات معروفات قد قمن من موضعه مزينات، فإنه يحيا لأصحاب الرؤيا والأعقاب أولئك النسوة أمور على قدر جمالهن وثيابهن، فإن كانت ثيابهن بيضاً، فإنه أمور في الدين، وإن كانت حمراً فأمور في اللهو، وإن كانت سوداء ففي الغنى والسؤدد، وإن كانت خلقاناً، فإنها أمور في فقر وهم، وإن كانت وسخة، فإنها تدل على كسب الذنوب.
وإن رأى ميتاً كأنه نائم، فإن نومه راحته.
وإن رأى ميتاً كأنه يصلي في غير موضع صلاته الذي كان يصلي فيه أيام حياته فتأويلها أنه وصل إليه ثواب عمل كان يعمله في حياته أو ثواب وقف قد وقفه وتصدق به، فإن كان الميت والياً، فإن عقبه ينالون مثل ولايته.
وإن رأى كأنه يصلي في موضع كان يصلي فيه أيام حياته دل ذلك على صلاح دين عقب الميت من بعده لأن الميت قد انقطع عن العمل لنفسه.
وإن رأى كأنه يتبع الميت ويقفو أثره في دخوله وخروجه، فإنه يقتدي بأفعاله من الصلاح والفساد.
وإن رأى ميتاً في مسجد دل على أمنه من العذاب لأن المسجد أمن.
وإن رأى ميتاً يشتكي رأسه فهو مسئول عن تقصيره في أمر والديه أو رئيسه، فإن كان يشتكي عنقه فهو مسئول عن تضييع ماله أو منعه صداق امرأته، فإن كان يشتكي يده فهو مسئول عن أخيه وأخته أو شريكه أو يمين حلف بها كاذباً، وإن كان يشتكي جنبه فهو مسئول عن حق المرأة، فإن كان يشتكي بطنه فهو مسئول عن حق الوالد والأقرباء وعن ماله.
وإن رأى أنه يشتكي رجله فهو مسئول عن إنفاقه ماله في غير رضا الله.
وإن رآه يشتكي فخذه فهو مسئول عن عشيرته وقطع رحمه.
وإن رآه يشتكي ساقيه فهو مسئول عن إفنائه حياته في الباطل.
ومن رأى كأن ميتاً ناداه من حيث لا يراه فأجابه وخرج معه بحيث لا يقدر أن يمتنع منه، فإنه يموت في مثل مرض ذلك الميت الذي ناداه أو في مثل سبب موته من هدم أو غرق أو فجأة، وكذلك لو رأى أنه تابع ميتاً فدخل معه داراً مجهولة ثم لا يخرج منها، فإنه يموت.
وإن رأى كأن الميت يقول له أنت تموت وقت كذا فقوله حق.
وإن رأى كأنه اتبع ميتاً ولم يدخل معه داراً أو دخل ثم انصرف، فإنه يشرف على الموت ثم ينجو.
وإن رأى كأنه يسافر مع ميت، فإنه يلتبس عليه أمره.
وإن رأى كأن الميت أعطاه شيئاً من محبوب الدنيا فهو خير يناله من حيث لا يرجو، فإن كان الميت أعطاه قميصاً جديداً أو نظيفاً، فإنه ينال معيشة مثل معيشته أيام حياته.
وإن رأى كأنه أعطاه طيلساناً، فإنه يصيب جاهاً مثل جاهه، فإن أعطاه ثوباً خلقاً، فإنه يفتقر.
فإن أعطاه ثوباً وسخاً، فإنه يركب الفواحش.
فإن أعطاه طعاماً، فإنه يصيب رزقاً شريفاً من حيث لا يحتسب.
فإن أعطاه عسلاً نال غنيمة من حيث لا يرجو.
فإن أعطاه بطيخاً أصابه هم لم يتوقعه.
وإن رأى كأن الميت يعظه أو يعلمه علماً، فإنه يصيب صلاحاً في دينه بقدر ذلك.
وإن رأى كأنه أعطى الميت كسوة لم ينشرها ولم يلبسها، فإنه ضرر في ماله أو مرض ولكنه يشفى.
وإن رأى كأنه نزع كسوة حتى يلبسها الميت فخرجت الكسوة من ملك الحي، فإنه يموت، وإن لم تخرج الكسوة من ملكه وناولها ليخيطها أو ليعملها لم يضره ذلك، وكل شيء يراه الحي أنه أعطاه للميت، فإنه غير محبوب إلا في مسألتين: إحداهما أنه إذا رأى كأنه أعطى الميت بطيخاً، فإنه يذهب همه من حيث لا يحتسب، والثانية أنه إذا رأى أنه أعطى عمه أو عمته بعد موتهما في منامه، فإنه يلزمه غرم ونفقة.
وإن رأى كأن ميتاً سلم عليه دل على حسن حاله عند الله عز وجل.
وإن رأى كأنه أخذ بيده، فإنه يقع في يده مال من وجه ميئوس منه.
وإن رأى الميت كأنه عانقه معانقة مودة طال عمره.
وإن رأى كأنه عانقه معانقة ملازمة أو منازعة فلا تحمد رؤياه.
وإن رأى كأنه يكلم الميت عاش طويلاً وتدل هذه الرؤيا على أن صاحبها يصالح قوماً بعد المنازعة.
وإن رأى كأنه يقبل ميتاً مجهولاً نالت مالاً من حيث لا يحتسب، فإن قبل ميتاً معروفاً، فإنه ينتفع من الميت بعلمه أو ماله.
وإن رأى ميتاً عانقه وخالطه كان ذلك طول حياة الحي.
وإن رأى الميت نائماً كان ذلك راحته.
وإن رأى كأن ميتاً معروفاً قبله نال من عقبه خيراً.
وإن رأى ميتاً مجهولاً قبله فهو قبوله الخير من موضع لا يرجوه.
وإن رأى كأن ميتاً اشترى طعاماً، فإن يغلو أو يعز ذلك الطعام.
وإن رأى كأن الأموات يبيعون طعاماً أو متاعاً كسد ذلك الطعام والمتاع، فإن وجد الحي بين الطعام والمتاع إنساناً ميتاً أو فأرة ميتة أو دابة ميتة، فإنه يفسد ذلك الطعام والمتاع.
وإن رأى كأنه ينكح ميتاً مجهولاً في قبر، فإنه يزني.
وإن رأى كأنه نكحه فأمنى، فإنه يخالط رجلاً شريراً منافقاً ويغرم عليه مالاً.
وإن رأى أنه ينكح ميتاً معروفاً رجلا كان أو امرأة، فإنه يظفر بحاجة قد أيس منها.
وإن رأى أنه نكح رجلاً صديقاً أصاب عقبه من الفاعل خيراً، فإن كان المنكوح عدواً، فإن الفاعل يظفر بعقب ذلك الميت.
وإن رأى أنه ينكح ذا حرمة من الموتى، فإن الناكح يصل المنكوح بصدقة أو دعاء أو يصل إلى عقبه منه خير، وقيل إنه يقدم على حرام.
وإن رأى كأن ميتاً معروفاً نكحه أصابه نفع من عمله أو ماله.
وإن رأى كأن إمرأة ميتة حييت فنكحها وأصابه من مائها، فإنه يظفر بحاجته وينفق فيها مالاً بطيبة نفس منه وينال ولاية مستأنفة وتجارة رابحة، فإن تزوج بامرأة ميتة، ورأى إنها حية وحولها إلى منزله، فإنه يعمل عملاً يندم عليه، فإن وطئها وتلطخ من مائها، فإنه نادم من عمل في خسران وهم وتحمد عاقبته وينال خيراً بقدر ما أصابه من مائها آخر الأمر.
وإن رأى كأنه تزوج بامرأة ميتة، ورأى إنها حية ودخل بها ولم يمسها لكنه تحول إلى دارها واستوطنها دلت رؤياه على موته، وكذلك رؤيا المرأة جارية مجرى رؤية الرجل في كل ذلك.
ومن رأى ميتاً قد عاش، فإن سنته تحيا في خير أو شر لرائيها خاصة إن كان من أهل بيته أو رآه في داره أو للناس كافة إن كان سلطاناً أو عالماً، وأما أكل الميت من دار فيها مريض فدليل على هلاكه وإلا ذهب لأهلها مال، وأما من ناداه الميت، فإن كان مريضاً لحقه، وإن كان فقيهاً فقد وعظه وذكره فيما لا بد منه ليرجع عما هو فيه ويصلح ما هو عليه، وأما من ضربه ميت أو تلقاه بالعبوس والتهدد وترك السلام فليحذر وليصلح ما قد خلفه عليه من وصية إن كانت إليه أو في أعمال نفسه وذنوبه فيما بينه وبين الله تعالى، وإن تلقاه بالبشر والشكر والسلام والمعانقة فقد بشره بضد حال الأول وقد تقدم في ذكر باب الأموات ما فيه غنى.
وكان ابن سيرين يقول: أحب أن آخذ من الميت وأكره أن أعطيه، وقال: إذا أخذ منك الميت فهو شيء يموت، ومن مات ولم ير هناك هيئة الأموات، فإنه انهدام داره أو شيء منها.
وإذا رأى الحي أنه يحفر لنفسه قبراً بنى داراً في ذلك البلد أو تلك المحلة وثوى فيها، ومن دفن في قبر وهو حي حبس وضيق عليه.
وقال الأستاذ أبو سعيد رحمه الله: الأصل في رؤيا الميت والله أعلم أنك إذا رأيت ميتاً في منامك يعمل شيئاً حسناً، فإنه يحثك على فعل ذلك، وإذا رأيته يعمل عملاً سيئاً، فإنه ينهاك عن فعله ويدلك على تركه.
وإن رأى الميت حياً في قبره نال براً وحكمة ومالاً حلالاً، وإن وجد ميتاً في قبره فلا يصفو ذلك المال، قال بعضهم: من رأى كأنه أتى المقابر فنبش عنها فوجدهم أحياء أو أمواتاً، فإنه يدل على وقوع موت ذريع في تلك الناحية أو البلدة والله أعلم.
وأما النياحة: فمن رأى كأن موضعاً يناح فيه وقع في ذلك الموضع تدبير شؤم يتفرق به عنه.
وأما البكاء: حكي عن ابن سيرين أنه قال: البكاء في النوم قرة عين، وإذا اقترن بالبكاء النوح والرقص لم يحمد.
وإن رأى كأن إنسان يعرفه مات وهو ينوح عليه ويعلن الرنة، فإنه يقع في نفس ذلك الذي رآه ميتاً أو في عقبه مصيبة أو هم شنيع.
وإن رأى كأنهم ينوحون على وال قد مات ويمزقون ثيابهم وينفضون التراب على رؤوسهم، فإن ذلك الوالي يجور في سلطانه.
وإن رأى كأن الوالي مات وهم يبكون خلف جنازته من غير صياح، فإنهم يرون من ذلك الوالي سروراً.
وأما غسل الميت: من رأى ميتاً يغسل نفسه فهو دليل على خروج عقبه من الهموم وزيادة في مالهم، فإن غسله إنسان تاب على يد ذلك الإنسان رجل في دينه فساد، والمغتسل في الأصل تاجر نافع ينجو بسببه أقوام من الهموم ورجل شريف يتوب على يديه أقوام المفسدين، فمن رأى كأنه على المغتسل ارتفع أمره وخرج من الهموم.
وإن رأى بعض الأموات يطلب من يغسل ثيابه، فإن ذلك فقره إلى فى دعاء وصدقة وقضاء دين أو إرضاء خصم أو تنفيذ وصية.
وإن رأى كأن إنساناً غسل ثيابه، فإن ذلك خير يصل إلى الميت من الغاسل.
وأما الكفن: فقد قيل هو دليل الميل إلى الزنا.
وإن رأى كأنه لم يتم لبسه، فإنه يدعى إلى الزنا فلا يجيب.
ومن رأى كأنه ملفوف في الكفن كما تلف الموتى دلت رؤياه على موته، فإن لم يغط رأسه ورجليه فهو فساد دينه وكلما كان الكفن على الميت أقل فهو أقرب إلى التوبة وما كان أكثر فهو أبعد من التوبة.
ومن رأى كأن قوماً مجهولين زينوه وألبسوه ثياباً فاخرة من غير سبب موجب لذلك من عيد أو عرس وأنهم تركوه في بيت وحيداً فذلك دليل موته والثياب الجدد البيض تجديد أمره.
وأما الحنوط: فدليل التوبة للمفسد والفرج للمغموم والثناء الحسن.
ومن رأى كأنه استعان برجل يشتري له الحنوط، فإنه يستعين به في حسن محضر وذلك أن الحنوط يذهب تفسد الميت.
وأما النعش: فمن رأى كأنه حمل على نعش ارتفع أمره وكثر ماله لأن أصله من الإنتعاش.
والحمل فوق النعش مؤيد لما دل عليه الموت في الرؤيا وقد يلي ولاية يقهر فيها الرقاب.
ومن رأى كأنه على الجنازة، فإنه يوأخي إخواناً في الله تعالى لقوله عز وجل " إخواناً على سرر متقابلين ". وقيل إن الجنازة رجل موفق يهلك على يديه قوم سوء.
وإن رأى كأنه موضوع على جنازة وليس يحمله أحد، فإنه يسجن.
وإن رأى كأنه حمل على الجنازة، فإنه يتبع ذا سلطان وينتفع منه بمال.
وإن رأى كأنه رفع ووضع على جنازة وحمله الرجال على أكتافهم، فإنه ينال سلطاناً ورفعة ويذل أعناق الرجال ويتبعه في سلطانه بقدر من رأى من مشيعي جنازته.
وإن رأى أنهم بكوا خلف جنازته، حمدت عاقبة أمره، وكذلك إن أثنوا عليه الجميل أو دعوا له.
وإن رأى كأنهم ذموه ولم يبكوا عليه لم تحمد عاقبته.
وإن رأى كأنه اتبع جنازة، فإنه يتبع سلطاناً فاسد الدين.
وإن رأى جنازة في سوق، فإن ذلك نفاق ذلك السوق.
وإن رأى كأن جنازة حملت إلى المقابر معروفة، فإنه حق يصل إلى أربابه.
وإن رأى كأن جنازة تسير في الهواء، فإنه يموت رجل رفيع في غربة أو رئيس أو عالم رفيع يعمى على الناس أمره.
وإن رأى أنه على جنازة يسير على الأرض، فإنه يركب في سفينة.
وإن رأى جنائز كثيرة موضوعة في مكان، فإن أهل ذلك المكان يكثرون ارتكاب الفواحش.
وإن رأت إمرأة إنها ماتت وحملت على جنازة، فإن لم تكن ذات زوج تزوجت، وإن كانت ذات زوج فسد دينها.
وإن رأى أنه حمل ميتاً أصاب مالاً حراماً.
وإن رأى أنه جر الميت على الأرض اكتسب مالاً حراماً.
وإن رأى أن ميتاً تعلق بفاسد، فإنه يصيد فأراً.
وإن رأى أنه نقل ميتاً إلى المقابر، فإنه يعمل بالحق.
وإن رأى أنه نقل ميتاً إلى السوق نال حاجة وربحت تجارته ونفقت.
وأما الصلاة على الميت: فتدل على كثرة الدعاء والاستغفار له.
وإن رأى كأنه الإمام عليه عند الصلاة عليه ولي ولاية من قبل السلطان المنافق.
ومن رأى كأنه خلف إمام يصلي على ميت، فإنه يحضر مجلساً يدعون فيه للأموات.
وأما الدفن: فمن رأى كأنه مات ودفن، فإنه يسافر سفراً بعيداً يصيب فيه مالاً لقوله تعالى " ثم أماته فأقبره ثم إذا شاء أنشره ".
والدفن محقق لما دل عليه الموت، وربما كان بأساً لمن فسد دينه من الصلاح، وربما دل على طول إقامة المسافر وعلى النكاح وعلى العروس ودخول البيت في الكلة مع العروس من الاغتسال ولبس البياض ومس الطيب ثم يزوره إخوانه في أسبوعه، وربما دل على السجن لمن يتوقعه، فإن وسع عليه ونوم نومة عروس كان ما يدل عليه خير أكله وحسنت فيه عقباه وكثرت دنياه، وإن كان على خلاف ذلك ساءت حالته وكانت معيشته ضنكاً.
ومن رأى كأنه دفن في قبر من غير موت دلت رؤياه على أن دافنه يقهره أو يحبسه.
وإن رأى أنه مات في القبر بعد ذلك، فإنه يموت في الهم، فإن لم ير الموت في القبر نجا من ذلك الحبس والظلم، وقيل من دفن، فإن دينه يفسد.
وإن رأى أنه خرج من القبر بعدما دفن، فإنه يرجى له التوبة.
وإن رأى أنه حثي على رجل التراب أو سلمه إلى حفرة القبر، فإنه يلقيه في هلكة.
وإن رأى كأنه وضع في اللحد، فإنه يناله داراً، فإن سوى عليه التراب نال بقدر ذلك التراب مالاً.
وأما القبر المحفور: هو السجن في التأويل كما أن السجن قبر، فمن رأى أنه يريد أن يزور المقابر، فإنه يزور أهل السجن.
وإن رأى أنه حفر قبراً على سطح، فإنه يعيش عيشاً طويلاً، والقبور الكثيرة في موضع مجهول تدل على رجال منافقين.
ومن رأى كأن القبور مطرت نال أهلها الرحمة.
وإن رأى قبراً في موضع مجهول، فإنه يخالط رجلاً منافقاً.
أما المقابر المعروفة: فإنها تدل على أمر حق وهو غافل عنه.
وإن رأى كأنه يحفر لنفسه قبراً، فإنه يبني لنفسه داراً.
وإن رأى كأن قبر ميت حول إلى داره أو محله أو بلده، فإن عقبه يبنون هناك داراً.
وإن رأى كأنه دخل قبراً من غير أن كان على جنازة اشترى داراً مفروغاً منها.
ومن رأى كأنه قائم على قبر، فإنه يتعاطى ذنباً لقوله تعالى " ولا تقم على قبره ".
وإن رأى رجلاً موسراً في مقبرة يطوف حول القبور فيسلم عليها فقيل إنه يصير مفلساً يسأل الناس لأن المقبرة موضع المفاليس.
وأما نبش القبور: فإن النباش يطلب مطلوباً خفياً مندرساً قديماً لأن العرب تسميه مختفياً إما في خير أو شر، فإن نبش فهو عالم ففيه نبش على مذهبه وإحياء ما اندرس من علمه، وكذلك قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يفضي به نبشه إلى رمة بالية وخرق متمزقة أو تكسر عظامه، فإنه يخرج في علمه إلى بدعة وحادثة، وإن وجده حياً استخرج من قبره أمراً صالحاً وبلغ مراده من إحياء سنته وشرائعه على قدره ونحوه، وإن نبش قبر كافر أو ذي بدعة أو أحد من أهل الذمة طلب مذهب أهل الضلالة أو عالج مالاً حراماً بالمكر والخديعة، وإن أفضى به النبش إلى جيفة متحللة أو حمأة أو عذرة كثيرة كان ذلك أقوى في الدليل وأدل على الوصول إلى الفساد المطلوب.
2012